0
  • السلة فارغة

    لدي لديك أي غرض في سلة الشراء الخاصة بك

0
  • السلة فارغة

    لدي لديك أي غرض في سلة الشراء الخاصة بك

Enter your keyword

طريقة قصر الذاكرة

طريقة قصر الذاكرة
  • مريح
  • عادي
  • رمادي
  • مظلم

طريقة قصر الذاكرة

نظرية قصر الذاكرة تعتمد على التخيل والتصوير بالدرجة الأولى لكن قبل استعراض كافة التفصيل المتعلقة بها تعالوا سوياً لنتعرف على تاريخ نشأة هذه النظرية.

هذه النظرية مصدرها قصة اسطورية بطلها الشاعر الإغريقي الشهير سيمونيدس (556-468 ق.م)، وهو من أوائل الشعراء الذين استخدموا  الشعر كمصدر للكسب من خلال نظم قصائد المديح في الأمراء و الملوك وأعيان الناس، ذات يوم تلقى الشاعر الكبير دعوة من الملك سكوباس، ملك (ثيساليا)، وذلك لحضور حفل من الاحتفالات الكبيرة في القصر. وطبقاً لهذه الدعوة طلب من الشاعر سيمونيدس أن ينظم قصيدة لمدح الملك أمام المدعوين مقابل مبلغ كبير من المال.

لبى سيمونيدس الدعوة في الحال، وفي الموعد المحدد ذهب إلى القصر مصطحباً معه الرقعة المكتوب عليها القصيدة، كان القصر ممتلئ عن أخره بالأمراء والفرسان وأثرياء القوم. حينما رأى الملك الشاعر الكبير سيمونيدس أدناه من مجلسه وأمر الفرقة الموسيقى بالكف عن العزف وأمر الجواري ليتوقفن عن الرقص والغناء وذلك حتى يستمتع الجميع بقصيدة الشاعر العظيم، وبالفعل شرع سيمونيدس في إلقاء قصيدته.

كان من المفترض أن تكون القصيدة من أولها إلى أخرها في مديح الملك، إلا أن سيمونيدس قسم المديح بين الملك وبين (كاستور وبولُكس) وهما اثنين من ألهه روما المشهورين، فجاء نصف القصيدة الأول لتمجدهما والنصف الثاني خصص لمديح الملك، كان الملك يسمع الأبيات الأولى من القصيدة والغضب والضيق يملئان قسمات وجه، وبعد أن انتهى الشاعر الكبير من إلقاء القصيدة تقدم ناحية الملك وانحنى أمامه في انتظار أن يتعطف عليه بعطائه المتفق عليه، وكانت النتيجة المحزنة، فقد أعطاه الملك نصف المبلغ المتفق عليه وقال له هذا نظير الأبيات التي تخصني من القصيدة أم الباقي فاطلبه من الآلهة الذين مدحتهم.

أنفجر كل الحاضرين بالضحك وراح كل واحد من المدعوين يلقى بنكته ساخرة أو بعبارة تهكمية على ما صدر من سيمونيدس من قلة ذوق في حق الملك، شعر سيمونيدس بالخجل فانزوى في مكان بعيد من القاعة وجلس حزيناً منكسراً، ولم يرحمه من سخرية الناس وكلماتهم النابية إلا عندما أمر الملك الفرق الموسيقية بمعاودة العزف والغناء، وانشغل الحضور عن سيمونيدس بالجواري وهن يرقصن، وإلى المهرجين والعبيد وهم يأتون بغرائب الألعاب وعجائب الحركات.

كل من في القاعة كان يعيش في عالمه الخاص، منهم من كان يحتسي النبيذ، ومنهم من كان يجلس على المائدة الكبيرة يلتهم ما لذ وطاب من الوعول والخراف المشوية، الكل كان سعيداً مبتهجاً، معدا شخص واحد هو الذي كان يشعر الحزن والخزي والانكسار، هذا الشخص هو سيمونيدس، فكر في أن يغادر القصر لكن الملك لم يأذن له بعد لذا كان عليه أن ينتظر الإذن والا سينال تقريع أخر من الملك، في هذه الأثناء أتاه جندي من الحرس وأخبره بأن فارسين يريدانه في حديقة القصر في أمر خطير، حينما سمع سيمونيدس ذلك لم أسرع خارج القصر ليستطلع الأمر.

بعد خروجه لم يجد أي أثر لفارس خارج القصر، فتعجب مما صدر من الحارس، فكيف يكذب عليه ويخبره أن هناك من ينتظره  بالباب، هل إلى هذه الدرجة سقطت قيمة الشاعر الكبير، أحس سيمونيدس أن ما لاقاه من إهانة هذه الليلة يكفي بأن يجعله يعتزل الشعر والشعراء، وبينما هو واقف يفكر هكذا حدث شيء لم يكن في الحسبان، فقد إنهار القصر على كل من فيه وأمتلئ المكان بالغبار وسمع عويلاً وصراخاً في كل أنحاء المدينة، لم ينجو أحد من المدعوين سوى هذا الشاعر الذي أدرك في نهاية الأمر أن الفارسين الذين كان يسألان  عنه ما هما إلا كاستور وبولوكس أبناء الآلهة، وقد اتوا لإنقاذه مكافئة له نظير تمجيده لهما في قصيدته.

بعد انهيار القصر بساعات ذهب أهالي الضحايا إلى المكان لرفع الأنقاض من أجل التعرف على جثث ذويهم، لكنهم لم يستطيعوا التعرف عليها نظراً لضياع معالمها وتناثر أشلائها في كل مكان، فطلبوا من الشاعر الكبير سيمونيدس أن يساعدهم في التعرف على الجثث كونه الناجي الوحيد في هذه الحادثة المروعة.

راح سيمونيدس يتخيل حال القصر قبل الانهيار، وفجأة وقفت جدران القصر من جديد وارتفعت الأعمدة مرة أخرى، وارتفعت الأحجار فوق بعضها البعض، وأستوى القصر كما كان، رسم سيمونيدس صورة كاملة للمكان في صورته الأولى قبل الانهيار،  فهنا كان يجلس فلان وعند هذا العمود كان يقف فلان، وعلى المائدة كان يجلس فلان وبجواره جاريتين شقراوتين، وبجوار الملك كان يجلس فلان وفلان، ظل سيمونيدس يتذكر ويتذكر حتى جاوز عدد الأسماء التي تذكرها الألفين، ومن هذه اللحظة وضع سيمونيدس الأسس الأولى لنظريته التي طورت فيما بعد وعرفت بنظرية القصر.

والآن وبعد سماع هذه القصة تعالوا سوياً نتعرف على خطوات تطبيق هذه النظرية:

اختيار القصر: تخيل مبنى ما، أي مبنى، ممكن أن يكون هذا المبنى من صنع خيالك صرفاً أو يكون موجود بالفعل في الواقع، لكن معظم الخبراء يفضلون أن تتخيل مبنى يكون موجود بالفعل في الواقع تعرفه جيداً بكل تفاصيله تمام المعرفة، قد يكون هذا المكان غرفة نومك، أو بيتك أو مدرستك الابتدائية، أو حتى مدينتك أو قريتك، فكلما كبرت مساحة المكان كلما كثرت كمية المعلومات المخزنة فيه.

حدد طريق الانطلاق: لكي تتذكر الأشياء بالترتيب، عليك أن تحدد طريق تسير فيه للوصول إلى المبنى الذي وقع اختيارك عليه، هذا الطريق يجب أن يكون معلوماً بالنسبة لك مثله في ذلك مثل المبنى الذي أخترته، فمثلاً لو اخترت أن تكون غرفة نومك هي قصر ذاكرتك، فعليك أن تختار الطريق الذي ستسير فيه حتى تصل إلى غرفة النوم، مثلاً تختار الممر بين الصالة وغرفة النوم.

 تحديد المخازن: بعد تحديد الطريق عليك أن تسير فيه (بخيالك طبعاً) إلى أن تصل إلى المبنى الذي اخترته من قبل (غرفة النوم)، وبعد وصولك هناك حاول أن تتفقد المكان جيداً مستكشفاً الأماكن التي توجد بداخله والتي ستخزن بها المعلومات، هذه الأماكن قد تكون: درج، أو دولاب أو خزينة.. الخ، المهم أن تجعل كل مخزن مختلف ومميز عن الأخر حتى لا تتداخل المعلومات مع بعضها البعض في المستقبل.

تدقيق قصر ذاكرتك: قبل الخوض في تطبيق النظرية عليك أن تجلس مع نفسك قليلاً لكي تتخيل المكان الذي اخترته ليكون قصر لذاكرتك، يجب أن تدققه جيداً وتحفظ كل بقعه فيه، حتى لو اضررت لأن ترسم خريطة أو مخطط مبدئي للمكان، ولعمل ذلك جيداً ارسم خريطة على ورقة للمكان بكل تفاصيله وخباياه وبعد ساعة أو ساعتين تخيل المكان في ذاكرتك ثم بعد ذلك قارن بين ما تخيلته وما رسمته على الواقع لتتأكد من أن الصورتين متطابقتين مع بعضهما البعض.

حفظ المعلومات في المخازن: نأتي الأن للخطوة العملية وكيفية حفظ المعلومات داخل القصر الذي اخترته، لنفرض أنك أخترت منزلك ليكون قصر لذاكرتك وأن عليك حفظ بضعة أبيات من الشعر لتقولها غداً في خطاب مدرسي، أولاً ضع أول بيت من الشعر تحت عتبة الباب، والثاني في الصالة، والثالث في غرفة الجلوس والرابع في وعاء من أوعية المطبخ…الخ. قم بوضع كل بيت في مكان مختلف ومميز عن الأخر. لا تضع أكثر من معلومة في مكان واحد، تقيد بالترتيب المتلازم مع طريق الانطلاق الذي ذكرناه في الخطوة رقم 2، بحيث يكون القول المأثور الثاني محفوظ في مكان يقع ترتيبه بالفعل بعد المكان المحفوظ فيه القول المأثور رقم 1. وهكذا الثاني يليه الثالث، والثالث يليه الرابع…. الخ.

استخدم الرمزية: ليس من الضروري أن تضع كامل المعلومة التي تود تذكرها في المخزن، قد يكون هذا الأمر غير مثمر وغير عملي في بعض الأحيان، يفضل أن تضع صورة رمزية للمعلومات الكبيرة، أي رمز يحث ذاكرتك ويستفذها، فمثلاً تود مثلي أن تتذكر أن مذبحة القلعة وقعت عام 1811، فيمكنك أن تضع على وسادة نومك شارب محمد على باشا الشهير وبجواره سيف وثمانية خناجر وأحدى عشر بندقية (1811). بالطبع هذه الصورة الرمزية ليست حتمية لكنها مفضلة وخاصة مع التواريخ والأرقام.

كن مبدعاً وخفيف الظل: استخدم قدرتك الإبداعية أثناء حفظ المعلومات في القصر، أضف للمعلومات المجردة الكئيبة شيء من المرحة والفكاهة، تذكر قصيدة محمود سامي البارودي التي ذكرتها كمثال في المقال السابق، فقد تخيلت أن أحد الفتية يجلس في المطبخ، وبيده حقيبة كبيرة يجمع فيها كل أولاني المطبخ الخاصة بنا، وأثناء قيامه بذلك يقع عليه رف من الرفوف فيصيبه بجرح خفيف في راسه، بالطبع ستتخيل هذا الموقف لكي تحفظ الأبيات التالية:

يود الفتى أن يجع الأرض كلها إليه … ولما يدر ما الله صانع

فقد يستحيل المال حتفاً لربه… وتأتي على أعقابهن المطامع

استكشاف القصر للمرة الأخيرة: بعد حفظ المعلومات استكشف القصر الخاص بك مرة أخرى قبل النوم وبعد ذلك استيقظ في الصباح ستجد نفسك متذكر كل المعلومات مهما كانت كثرتها بفضل الله، وربما تحتاج كورس في المستقبل عن كيفية نسيان بعض المعلومات!!!

كلما تريد تذكر أي معلومة استخدم القصر الخاص بك، بكل بساطة امشي في الطريق المحدد وتفقد القصر وما به من مخازن، فمثلاً لتذكر الخطاب المدرسي الذي ذكرناه سابقاً، ما عليك إلا أن تفتح الباب وتبدأ في تفقد الصالة وغرفة الجلوس وهكذا.

شيد قصور جديدة: بعد امتلاء هذا القصر يمكنك بناء قصر آخر لمعلومات جديدة، أو تفريغ القصر القديم مما به من معلومات إن لم تعد بحاجة إليها، فبعد الانتهاء من الخطاب المدرسي ربما تجد نفسك لست بحاجة لتذكره مرة أخر، في هذه الحالة يمكنك إخلاء القصر مما به من معلومات قديمة لتجهزه لاستضافة معلومات جديدة.

بقلم:حسن محمد

لا تعليق

إضافة تقييمك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.