الذاكرة وتفعيل الدماغ
تنتج الذاكرة فيزيولوجياً عن التغيرات في حساسية النقل المشبكي بين العصبونات والناتجة عن فعالية عصبية سابقة. تسبب هذه التغيرات بدورها مسالك جديدة أو تسهل تطور مسالك لنقل الإشارات عبر الدارات العصبية في الدماغ. تدعى هذه المسالك بمسارات الذاكرة، وهي هامة لأنها عندما تترسخ يمكن أن تفعل بوساطة العقل المفكر لاستحضارها.
لقد أوضحت التجارب عند الحيوانات الدنيا أن مسارات الذاكرة يمكن أن تحدث في كل مستويات الجهاز العصبي. ولكن معظم الذكريات التي نربطها بالعمليات الفكرية مثبتة على مسارات الذاكرة في القشرة المخية.
تصنيف الذاكرة:
الذاكرة قصيرة الأمد: تتضمن الذكريات التي تدوم لثوانٍ أو على الأكثر لدقائق ما لم تتحول إلى الأشكال الأطول من الذاكرة.
الذاكرة متوسطة المدة: يدوم هذا النوع من الذكريات أياماً إلى أسابيع و لكنها تفقد في النهاية.
الذاكرة طويلة الأمد: هذا النوع من الذكريات يتشكل عندما تخزن المعلومات بحيث يمكن استحضارها بعد سنين أو حتى مدى الحياة.
بالإضافة إلى هذا التصنيف العام للذكريات تم سابقاً مناقشة نوع آخر من الذاكرة (له علاقة بالفص قبل الجبهي) يدعى الذاكرة العاملة التي تتضمن بشكل رئيسي الذاكرة قصيرة الأمد التي تستخدم في سياق عمليات الاستنتاج الفكرية ولكنها تنتهي عندما تحل المشكلة.
تصنف الذكريات، من ناحية أخرى، وفقاً لنمط المعلومات المخزنة وتقسم إحدى هذه التصنيفات الذاكرة إلى:
الذاكرة التعريفية: وتعني بشكل أساسي تذكر مختلف التفاصيل للأفكار التكاملية مثل الذاكرة للخبرات المهمة التي تتضمن:
ذاكرة الأشياء المحيطة بنا.
ذاكرة العلاقات الزمنية.
ذاكرة أسباب الخبرات.
ذاكرة معنى الخبرات.
ذاكرة الخصومات المحفوظة في عقل الشخص.
ذاكرة المهارات: تترافق مع الفعاليات الحركية لجسم الشخص، مثل المهارات الناتجة عن ضرب كرة التنس وتتضمن:
رؤية الكرة.
حساب الصلة وسرعة الكرة إلى المضرب.
الاستنتاج بشكل سريع حركة الجسم، الذراعين والمضرب اللازمة لضرب الطابة كما هي الرغبة.(كل هذه الفعاليات مستندة على تعلم مسبق لهذه اللعبة) يتحرك بعدئذ إلى الضربة التالية في اللعبة بينما تنسى التفاصيل للعبة السابقة.
الذاكرة قصيرة الأمد:
تمثل الذاكرة قصيرة تذكر الإنسان لسبعة وحتى عشرة أعداد في رقم هاتفي (أو ما بين سبعة إلى عشرة حقائق منفصلة أخرى) لعدة ثوانٍ أو لعدة دقائق ولكنها تدوم ما دام الإنسان يفكر بالأرقام والحقائق.
يقترح الكثير من الفيزيولوجيون أن هذا النوع من الذاكرة ينجم عن الفعالية العصبية المستمرة الناتجة عن الإشارات العصبية التي تدور لمرات عديدة في مسار ذاكرة مؤقت عبر دارة من العصبونات الارتدادية. ولكن حتى الآن لم يتم إثبات هذه النظرية.
والتفسير المحتمل الآخر لهذا النوع من الذاكرة هو التعزيز أو التثبيط قبل المشبكي. يحدث ذلك في المشابك التي تتوضع على النهايات قبل المشبك وليس على العصبون بعد المشبك. وتسبب النواقل العصبية المفرزة عند هذه النهايات عادة تيسيراً أو تثبيطاً مطولاً (اعتماداً على نمط الناقل المفرز) يستمر لعدة ثوانٍ أو حتى عدة دقائق. ومن الواضح أن دارات من هذا النمط يمكن أن تؤدي إلى ذاكرة قصيرة الأمد.
الذاكرة متوسطة المدة:
قد تدوم هذه الذاكرة عدة دقائق أو حتى عدة أسابيع، لكنها سوف تفقد في النهاية ما لم تصبح مسارات الذاكرة أكثر ديمومة (وعندها سوف تصنف ضمن الذاكرة طويلة الأمد). ولقد بينت التجارب على الحيوانات البدائية أن الذاكرة من هذا النمط يمكن أن تنتج عن التغيرات المؤقتة الفيزيائية أو الكيميائية أو عن كليهما، وتحدث هذه التغيرات إما في النهايات قبل المشبك أو في الغشاء الخلوي بعد المشبك ويمكن لها أن تستمر ما بين عدة دقائق وحتى عدة أسابيع.
الذاكرة المبنية على تغيرات كيميائية في النهاية قبل المشبك أو الغشاء العصبوني بعد المشبك يوضح الشكل التالي آلية الذاكرة التي دُرِست من قبل كاندل وزملاءه وهي آلية تجعل الذاكرة تدوم من عدة دقائق حتى ثلاثة أسابيع في حلزون ابليز الضخم.
الذاكرة طويلة الأمد:
لا يوجد تمييز حقيقي واضح بين الأنماط المطولة من الذاكرة متوسطة الأمد والذاكرة طويلة الأمد والفارق بينهما درجة واحدة فقط. على أية حال، يعتقد أن الذاكرة طويلة الأمد تنتج عموماً عن تغيرات بنيوية حقيقية (عوضاً عن التغيرات الكيميائية فقط) عند المشابك التي تفرز أو تكبت توصيل الإشارة.
التغيرات البنيوية التي تحدث في المشابك عند تطور الذاكرة طويلة الأمد:
لقد أوضحت الصور المأخوذة بالمجهر الإلكتروني للحيوانات اللافقارية العديد من التغيرات الفيزيائية البنيوية في عدد من المشابك خلال عملية تطور مسارات الذاكرة طويلة الأمد. سوف لن تحدث تلك التغيرات إذا أعطي الحيوان دواء يثبط تفعيل ال DNA لتضاعف البروتين في العصبون قبل المشبك وبالتالي لن نشاهد تطور لمسارات الذاكرة طويلة الأمد.
إن أهم التغيرات الفيزيائية البنيوية التي تحدث هي:
– زيادة في عدد المواقع المحررة للحويصلات الحاوية على المادة الناقلة.
– زيادة في عدد الحويصلات الحاوية على المادة الناقلة
– زيادة في عدد النهايات قبل المشبكية (أحياناً تزداد إلى الضعف (.
– تغيرات في تركيب نهايات الاستطالات السيتوبلاسمية يسمح لها بنقل الإشارات القوية.
هكذا وبواسطة عدة طرق تزداد إمكانية نقل الإشارات بعد التغيرات البنيوية الحادثة أثناء تطور مسارات الذاكرة طويلة الأمد.
التغيرات الحاصلة في عدد العصبونات واتصالاتها خلال التعلم:
خلال الأشهر الأولى من ولادة الطفل وربما حتى عمر سنة أو أكثر قليلاً فإن أجزاء عديدة من الدماغ تقدم عدد كبير من عصبوناتها لتضعها في الخدمة وترسل هذه العصبونات فروع محاويرها لتصنع اتصالات مع العصبونات الأخرى. وإذا فشلت المحاوير الجديدة في الاتصال مع العصبونات التالية أو مع الخلايا العضلية أو الغدية فإنها تتخرب وتنحل خلال عدة أسابيع.
وهكذا فإن عدد الاتصالات تُحدد بوساطة عوامل النمو العصبي التي تفرز بشكل راجع من الخلايا المنبهة. وأكثر من ذلك، عندما تحدث اتصالات غير كافية فإن كامل العصبون الذي أرسل نهاياته المحوارية سوف يختفي أخيراً .
ولهذا السبب، يحدث حالاً بعد الولادة إما أن توضع العصبونات في الاستخدام أو توضع بحسب مبدأ (use it or lose it) وبالتالي فإن العدد النهائي من العصبونات واتصالاتها سوف يحدد في كل قسم من الجهاز العصبي عند الإنسان.
وكمثال على ذلك، إذا غطيت عين حيوان وليد لمدة عدة أسابيع بعد الولادة فإن العديد من العصبونات في القشرة البصرية والطريق البصري (الذي يتصل مع هذه العين المغطاة) سوف ينحل وبالتالي سوف تبقى العين المغطاة عمياء بشكل جزئي أو كامل وذلك طيلة فترة الحياة. وفي العديد من مناطق القشرة الدماغية، لوحظ أن 50 % أو أكثر من العصبونات الأساسية ليست في الخدمة بسبب عدم الاستخدام.
تعد هذه الآلية نمط من التعلم طويل الأمد. و أكثر من ذلك، فإن هذه المرونة وقابلية التكيف للجهاز العصبي خلال المراحل الباكرة من الحياة تؤكد على أهمية إعطاء الأطفال الصغار الفرصة في التعرض للعديد من الخبرات التعليمية.
تصلد الذاكرة:
لكي تتحول الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد والتي يمكن استحضارها بعد عدة أسابيع أو مدى الحياة؛ لا بد أن تصبح متصلدة أو راسخة. هذا يعني أن الذاكرة قصيرة المدى إذا فُعلت يشكل متكرر سوف تبدأ بعده طرق تحولات كيميائية وفيزيائية وتشريحية في المشابك تكون مسؤولة عن نمط الذاكرة طويلة الأمد. وتحتاج هذه العملية إلى 5 – 10 دقائق للتصلد الأصغري وساعة أو أكثر للتصلد الأعظمي. فمثلاً ، إذا حدث انطباع حسي
قوي في الدماغ ثم اُتبع خلال دقيقة أو ما يقارب ذلك اضطراب دماغي محرض كهربائياً فلا يمكن أن تذكر هذه التجربة الحسية مطلقاً. وبطريقة مشابهة فإن ارتجاج الدماغ أو التطبيق المفاجئ لتبنيج عام عميق أو أي مؤشر آخر قادر على حصر الوظيفة الدينمية للدماغ مؤقتاً يستطيع أن يمنع التصلد. وإذا أخرت الصدمة الكهربائية القوية أكثر من 10 دقائق، فإن جزءاً على الأقل من مسار الذاكرة سوف يترسخ، وإذا أخرت لمدة ساعة فإن الذاكرة تصبح أكثر ترسخاً.
ويمكن تفسير حدوث التصلد والمدة التي يحتاجها بوساطة ظاهرة تكرار الذاكرة قصيرة الأمد وهي كما يلي:
دور التكرار (rehearsal) في قلب الذاكرة قصيرة المدى إلى ذاكرة طويلة المدى: أظهرت الدراسات الفيزيولوجية أن تكرار المعلومات نفسها لعدة مرات يسرع ويعزز درجة تحويل الذاكرة قصيرة المدى إلى ذاكرة طويلة المدى، وبذلك يسرع ويعزز حدوث التصلد. يملك الدماغ ميل طبيعي إلى تكرار المعلومات الجديدة وخصوصاً تلك التي تجذب الانتباه. ولذلك وعلى مدى فترة من الزمن تصبح المعالم الهامة للتجارب الحسية أكثر ثباتاً بشكل مترقٍ في مخازن الذاكرة. مما يفسر سبب استطاعة المرء تذكر كميات قليلة من المعلومات والتي درسها بعمق بشكل أفضل بكثير من الكميات الكبيرة من المعلومات التي درسها بشكل سطحي فقط، كما يفسر قدرة المرء الواعي تماماً على ترسيخ الذاكرة بشكل أفضل بكثير مما يستطيعه المصاب بحالة من التعب العقلي.
دور أجزاء معينة من الدماغ في عملية الذاكرة:
دور الحصين في تخزين الذكريات: الحصين (أو حصان البحر) هو الجزء الأكثر إنسية من قشرة الفص الصدغي، لقد تم استئصال الحصينين كعلاج للصرع في عدد من المرضى، وفي الحقيقة فإن هذا الإجراء لم يؤثر بشكل مهم على ذاكرة الشخص فيما يخص المعلومات المخزونة في الدماغ قبل الاستئصال. ولكن هؤلاء الأشخاص بعد الاستئصال فقدوا القدرة على تخزين الأنماط اللفظية والرمزية من الذكريات في الذاكرة طويلة الأمد أو حتى في الذاكرة متوسطة الأمد التي تستمر لعدة أسابيع وهكذا أصبح هؤلاء الأشخاص عاجزين عن تثبيت معلومات حديثة في الذاكرة طويلة الأمد هذه المعلومات التي تعد أساساً للذكاء ويدعى هذا الأمر نساوة القادم.
ولكن ما هو السبب الذي يجعل الحصينين عظيمي الأهمية في مساعدة الدماغ على تخزين الذكريات الجديدة؟ والجواب المحتمل هو أن الحصين هو أحد المسالك الهامة الصادرة من باحات الثواب والعقاب في الجهاز الحوفي. إن المنبهات الحسية أو الأفكار التي تسبب الألم أو النفور تثير مراكز العقاب الحوفية، بينما تثير المنبهات التي تسبب السرور أو السعادة مراكز الثواب. تؤمن هذه المراكز الخلفية للمزاج والدوافع عند الشخص.
دور الحصين في التعلم الانعكاسي:
إن الأشخاص المصابين بأذيات في الحصين عادة لا يواجهون صعوبات في تعلم المهارات الفيزيائية التي لا تتضمن الأنماط اللفظية والرمزية من الذكاء. فعلى سبيل المثال، يستطيع هؤلاء الأشخاص تعلم المهارات اليدوية الفيزيائية كالتي يحتاجها الإنسان في كثير من أنماط الرياضة. يدعى هذا النمط من التعلم بتعلم المهارات أو التعلم الانعكاسي وهو يعتمد على تكرار الأعمال المطلوبة فيزيائياً لعدة مرات وليس على تكرارها رمزياً في العقل.
الأجهزة المفعلة للدماغ:
يصبح الدماغ عديم الفائدة وذلك عند غياب النقل المستمر للإشارات العصبية من جذع الدماغ إلى المخ. في الحقيقة فإن انضغاط جذع الدماغ بشدة عند الوصل بين الدماغ المتوسط والمخ (والذي ينجم غالباً عن ورم الغدة الصنوبرية) يدخل المرء في سبات مستمر يدوم طوال الفترة الباقية من حياة المريض.
تفعل الإشارات العصبية المتولدة في جذع الدماغ الجزء المخي من الدماغ بطريقتين مختلفتين:
بشكل مباشر عن طريق تنبيه المستوى الأساسي من الفعالية في باحات واسعة من الدماغ.
بشكل غير مباشر وذلك عن طريق تفعيل الأجهزة الهرمونية العصبية التي تطلق مواد هرمونية ميسرة أو مثبطة إلى باحات مختارة من الدماغ.
تعمل هاتان الجملتان المفعلتان معاً بصورة دائمة بحيث لا يمكن تمييزهما عن بعضهما بشكل كامل.
التحكم بالفعالية المخية بالإشارات المثيرة المستمرة من جذع الدماغ:
1- الباحة المثيرة الشبكية في جذع الدماغ:
بالإضافة إلى الإشارات المثيرة المرسلة نحو الأسفل إلى النخاع الشوكي فإن هذه الباحة ترسل سيلاً من الإشارات نحو الأعلى. تذهب هذه الإشارات إلى المهاد أولاً حيث تثير مجموعة من العصبونات التي ترسل بدورها إشارات عصبية إلى كل مناطق القشرة المخية، كما أن إشارات أخرى تذهب إلى عدد من المناطق تحت القشرية .
إن الإشارات المارة عبر المهاد هي نمطان:
– النمط الأول هو كوامن فعل سريعة الانتقال تثير المخ لعدة ميلي ثوانٍ فقط. تنشأ هذه الإشارات من أجسام خلايا عصبية كبيرة جداً تتوضع على طول الباحة الشبكية من جذع الدماغ، وتحرر من نهاياتها العصبية الأستيل كولين الذي يعمل كعامل مثير ويدوم بضع ميلي ثوانٍ قبل أن يتحطم.
– النمط الثاني من الإشارات المثيرة ينشأ من أعداد كبيرة من العصبونات الصغيرة جداً المنتشرة على طول الباحة الشبكية، وتسير هذه الإشارات إلى المهاد أيضاً ولكن عبر ألياف صغيرة بطيئة النقل. تتشابك هذه الألياف بشكل رئيسي في النوى داخل الصفيحة في المهاد والنوى الشبكية على سطح المهاد. ومن هنا تسير ألياف صغيرة إلى كل مكان في القشرة المخية. ويمكن للتأثيرات المثيرة لهذه الجملة من الألياف أن تتراكم تدريجياً عدة ثوانٍ وحتى دقيقة أو أكثر، ولذلك كانت هذه الإشارات ذات أهمية خاصة في التحكم بالمستوى الاستثاري الأساسي طويل الأمد للدماغ
إثارة الباحة المثيرة في جذع الدماغ بالإشارات الحسية المحيطية:
يتحدد مستوى فعالية الباحة المثيرة من جذع الدماغ – وبالتالي مستوى فعالية كامل الدماغ – إلى حد كبير بنمط الإشارات الحسية التي تدخل الدماغ من المحيط. تزيد الإشارات الألمية بشكل خاص فعالية هذه الباحة وبالتالي تثير بقوة الدماغ وتجعله متيقظاً. إن أهمية الإشارات الحسية في تفعيل هذه الباحة نراها واضحة عند قطع جذع الدماغ فوق نقطة دخول الزوج القحفي الخامس إلى جذع الدماغ. فهذا الزوج هو الزوج الأكثر ارتفاعاً (في دخوله إلى جذع الدماغ) من باقي الأعصاب الناقلة لعدد كبير من الإشارات الحسية الجسدية إلى الدماغ. فعندما تنعدم جميع هذه الإشارات ينقص مستوى فعالية الباحة المثيرة بشكل مفاجئ ويسير الدماغ بخطى ثابتة نحو فعالية منخفضة بشدة مقتربة من الحالة الدائمة للسبات. ولكن عندما يتم قطع جذع الدماغ تحت مستوى دخول الزوج الخامس فإن السبات لا يحدث.
ازدياد فعالية الباحة المثيرة من جذع الدماغ بسبب إشارات التلقيم الراجع من المخ:
لا تمر الإشارات المثيرة فقط من الباحة المثيرة في جذع الدماغ إلى المخ وإنما تعود الإشارات بدورها من المخ بدورها إلى هذه الباحة المثيرة. لذلك وحالما تفعل القشرة سواء كان بالتفكير أو بوساطة الأعمال الحركية، ترسل إشارات عكسية عائدة إلى الباحات المثيرة في جذع الدماغ، ومن الواضح أن ذلك يساعد على الحفاظ على مستوى إثارة القشرة المخية أو حتى يعززها. ولذا تسمح هذه الآلية العامة للتلقيم الراجع الإيجابي لأي فعالية مخية بدئية أن تدعم فعالية إضافية مما يقود إلى العقل اليقظ.
المهاد هو مركز التوزع الذي يتحكم نواحٍ معينة من القشرة:
كما أشرنا سابقاً فإن كل باحة من القشرة الدماغية تتصل مع باحة عالية التخصص خاصة بها في المهاد. ولذلك فإن التنبيه الكهربائي لنقطة معينة في المهاد سيفعل ناحية صغيرة خاصة من القشرة. وأكثر من ذلك، فإن الإشارات تتردد بشكل منتظم جيئة وذهاباً بين المهاد والقشرة المخية، فالمهاد يثير القشرة فتثير القشرة المهاد ثانية عن طريق الألياف العائدة.
ولذلك اقترح أن يكون الجزء من حدث التفكير الذي يساعدنا في ترسيخ الذاكرة المديدة ناجماً من هذا الارتداد للإشارات ذهاباً وإياباً.
والسؤال الآن: هل يستطيع المهاد أن يعمل بشكل داخلي أيضاً ضمن الدماغ ليستدعي ذكريات معينة أو ليفعل أحداث تفكير خاصة؟ والإجابة على هذا السؤال غير معروفة، مع أن المهاد يملك في الحقيقة دارات عصبونية مناسبة لأداء هذه المهمة.
2- باحة شبكية مثبطة متوضعة في جذع الدماغ السفلي:
هذه الباحة هي الباحة الشبكية المثبطة المتوضعة في الناحية الإنسية والبطنية من البصلة. إن هذه الباحة تستطيع تثبيط الباحة الشبكية الميسرة في جذع الدماغ العلوي ولذلك فهي تستطيع إنقاص الفعالية من الأجزاء العلوية من الدماغ. وإحدى الآليات للتثبيط هي في إثارة العصبونات السيروتونية. تفرز هذه العصبونات بدورها الناقل العصبي المثبط السيروتونين عند نقاط التصالب في الدماغ.
المصدر: موقع مصرس
لا تعليق